إشراقات سياسيةكتب قيمة

“العمليات التفجيرية وأثرها على انتفاضة الأقصى”

قراءة ومراجعة: ندى ناصر

في  قراءة لدراسة أكاديمية  خرجت من جامعة بيرزيت، على يد الباحثة الفلسطينية سميرة الحموز، عرضت من خلالها أثر العمليات التفجيرية على انتفاضة الأقصى، وعلى مدى خمس فصول تعرضت الباحثة إلى تاريخ العمليات التفجيرية  بدءاً من شمشون الجبار “علي وعلى أعدائي”، مروراً بفرسان المعبد الذين كانوا يفجرون أنفسهم بسفنهم لقتل المسلمين في معاركهم البحرية، وصولاً إلى جون جمال أول عربي فجر نفسه في العدوان الثلاثي، وانتهاءً بالعمليات الاستشهادية الفلسطينية التي لم تقتصر على فصيل دون الآخر أو على دين دون آخر، وتكاد تلحظ في هذا القسم أن العمليات التفجيرية أو استخدام النفس كأداة لإلحاق الأذى بالعدو قد شمل مختلف حركات التحرر والإتجاهات الثورية على مدى التاريخ.

في الجزء الثاني عرضت الباحثة مراحل تطور العمليات التفجيرية، واعتماد مصطلح “الاستشهاديين” الخاص بالفلسطينيين الذين يضحون بأنفسهم من أجل الوطن، مع ملاحظة أن أي عملية مقاومة ضد المحتل تحمل في مدخولاتها معنى العمليات التفجيرية لأن الموت هو الاحتمال الأكثر تردداً، لكن مع فرق أن الاستشهاديين هم أولئك الفلسطينيين الذين يرتدون الأحزمة الناسفة ويختارونها سبيلاً لإيلام العدو

وعن دور العمليات التفجيرية في الانتفاضة تشير الباحثة إلى أن كل من الجهاد وحماس والجبهة الشعبية سارعت للاستخدام العمليات التفجيرية كأسلوب من أساليب المقاومة فيما حاولت حركة فتح الحفاظ على النهج السلمي، حتى الـ2002 حين وجدت أن هناك حاجة لهامش ما بين فتح والسلطة يتيح لها مواكبة ما يجري على الأرض.

وفي معرض بحثها عن سبب .إقدام الشباب على خوض غمار العمليات التفجيرية، لجأت إلى التفسيرات النفسية التي ترى أن انعدام الأمان والحياة الكريمة تؤدي إلى استواء الحياة بالموت وفقدان معنى أحدهما تجاه الآخر، وأن المرء في ظل جماعة تشاركه العناء يفقد فردانيته ويغدو موته تحصيلاً لحق الجماعة وإعلاء لشأنها أمام الآخر، كما أشارت إلى دراسات صهيونية توضح أن الاستشهاديين الفلسطينيين لم يكونوا أفرادًا عدوانيين ناقمين على المجتمع، مفرغين من الطموح والرغبة في الحياة، وإن الموت لم يكن هدفاً بقدر الخلاص من الإحتلال.

أما عن آثار العمليات على المجتمع الصهيوني فقد نشرت الرعب في أرجائه وعطلت نواحي حياته، وقفزت الحاجة إلى الأمن سلم أولوياته، فبلغ الطلب على الحراس أكثر من 46 ألف حارس في القدس ونتانيا وتل أبيب فقط، وبلغت مجموع خسائره البشرية حتى نهاية 2003 أكثر من 900 قتيل، و5 آلاف جريح، كما ارتفعت نسبة الهجرة المعاكسة من المجتمع الصهيوني إلى الخارج، أما على الجانب الفلسطيني فقد كانت الخسائر الاقتصادية فادحة، ناهيك عن اجتياح المدن واعتقال الشبان وهدم البيوت، واتساع دائرة الفقر والبطالة.

أما على المستوى الدولي فمع تواكب الانتفاضة مع أحداث أيلول سبتمبر استطاعت دولة الاحتلال ربط العمليات التفجيرية بالإرهاب، والتفت الدول العربية والجانب الفلسطيني حول هذا الرابط مما عزز من العزلة الدولية والعربية للمقاومة وعمق الانقسام السياسي الفلسطيني،  

في الخاتمة عرضت الباحثة جملة من الملاحظات القيمة، من بينها حاجة التنظيمات الفلسطينية إلى استراتيجية إعلامية لمواجهة حملات الصهاينة في ربط المقاومة بالإرهاب، ولزوم وجود طول نفس من قبل التنظيمات الفلسطينية لاستثمار نتائج مقاومتها على الأرض، وتحقيق عمق دولي وعربي لها، مع مراعاة أهمية الاستثمار في أشكال المقاومة الأخرى لموازنة العبء بين مختلف النواحي وتحقيق مدة استنزاف أطول للعدو.

 

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى