يوم المعلم … احترام أم تقصير

القائد يوسف بن أيوب، أو صلاح الدين الأيوبي كما تعرفه العامة كان محور حديثي مع الصف الثاني عشر في الأمس، حلقت بفرح وأنا أتحدث عن صفاته، استرسلت بعد أن أقصيت الكتاب جانباً وانطلقت أحدثهن عن القائد الفذ وأربط صفاته بالواقع وأذكرهن أن أي قائد يسعى لتحرير الأقصى ورفع شأن المسلمين لا بد أن يتصف بهذه الصفات.
انتقلنا من الصفات إلى دوره في نشر العلم، ذلك الدور الذي كان مقدمة النصر وما كان للنصر أن يتم إلا به، نبذ التعصب وبنى المدارس ومن ثم رفع قيمة العلماء وتقريبهم واستشارتهم وإجراء الرواتب المجزية لهم، وقفت هنا عاجزة على حالنا المبكي.
كنا قد أنهينا لتو احتفالنا بيوم المعلم الفلسطيني، بالنسبة للطالبات كان أجمل ما في الأمر ضياع الحصة الأولى، أما بالنسبة للمعلمات فبات الأمر روتينياً محبطاً رغم كثرة الهدايا ومظاهر الفرح.
تساءلت هنا تساؤل مباح، لماذا أوجدنا لفئات دون غيرها أياماً كالأم والمرأة والمعاق والمسن والمعلم هل هذه الأيام أيام احترام وتقدير فعلاً أم أنها أيام اعتذار عن التقصير هل قدرنا المعلم حقاً أم أننا أدركنا تقصيرنا في حقه فأردنا أن نكفر عن ذنبنا بتخصيص يوم له ؟ إذا كانت الأولى فهذا خير على خير أما إذا كانت الثانية فتلك هي المصيبة وذاك هو الابتلاء.
لا يمكن رفع قيمة المعلم ببعض الهدايا في يوم من أيام السنة، بينما يضيق الحال عليه في باقي الأيام، لا يعقل أن نهدي المعلم الهديا في يوم بينما يتهجم أولياء الأمور على الأستاذ في أيام أخرى، أن نشكر المعلم على جهوده بالرسائل بينما نضيق عليه في رزقه القليل ونأجل راتبه أشهر، لا يحتاج المعلم الهدايا بل يحتاج احتراماً وتقدير، إذا كان الأول ليس حاجة من الأساس فالآخر يا سيدي ضرورة.
“شبابنا املاح “هذا مؤكد ولكن الهواتف الذكية والجلوس المتواصل عليها أنتج جيلاً لا يعرف كيف يتكلم وإذا أخطأ لا يعرف ثقافة الاعتذار إنه جيل يتقن الحديث مع الأجهزة فقط، هذه الأجهزة التي دخلت البيوت من أوسع أبوابها وعلمت الأطفال أشياء كثيرة فيها الإيجابي وكثير منها سلبي مما أفقد الوالدين والمعلمين كثيرا من دورهم التربوي فكنا جميعاً وأولنا المعلم ضحية لقد صار مضطراً لتحمل شقاوة الطلاب بصمت على مبدأ الوعاء الكبير يتسع للوعاء الصغير أو أنه لا بد أن يكون الأب الحاني الذي يرشد ويصحح السلوك ولو على حساب نفسه.
خذلان كبير في عيون المعلمين في يومهم، لأن الأمر بات مجرد كلمات تلقى وهدايا تمنح، لقد كان الطموح أكبر من هذا بكثير، كنا نطمح أن يكون احترام المعلم البروتوكول تحيا به الأمة، ويرتفع شأنها كما فعل صلاح الدين الايوبي كنا نتمنى أن يكرم المعلم بطريقة أخرى بأن يقدر الطلاب والناس دوره ألم يكن هو السلم الذي تصعد عليه كل الإنجازات؟ هل من إنجاز يحصل دون المعلم؟! أليس المعلم أساس كل رفعة وأصل كل تقدم؟! ثم ألم يرفع الرسول صلى الله عليه وسلم من شأن معلمي الناس الخير فكيف نحط نحن من شأن المعلمين بأن نجعل لهم يوماً بينما نرى المعلم في باقي الأيام مسلوب الحقوق ونصمت ؟!