فخّ النماذج والقدوات

التربية بالقدوة هي أكثر أساليب التربية تأثيرًا في النشء، فالكلمة المجرّدة تترك أثرًا، ولكن تأثير الفعل أثبت وأعظم، ولذا فالشاب الذي يرى والده يدخّن السجائر لن يتركها مهما (قال) له والده وشرح له عن أضرار التدخين.في واقعنا المعاصر ظهرت نماذج من الشخصيات المشهورة شكلت ما يمكن وصفه بالنموذج والقدوة فصار شبابنا يقلدونهم في تصرفاتهم وطريقة لبسهم ومظهرهم العام، نحن أمام جيل لم يطلق (لحيته) عندما كان يسمع أن الرسول ﷺ نَدبه إلى ذلك، ولكن كثيرين من شباب هذا الجيل أطلقوا لحاهم تقليدًا لممثل في مسلسل سوري لبناني اسمه (الهيبة) أُعجبوا به فقلّدوه.
في اعتقادي فإن الخطر الأكبر هذه (النماذج) و(القدوات) المعاصرة التي صنعها وسوّقها لنا الإعلام المعاصر يكمن في النماذج التي خلطت جوانب إيجابية وأخرى سلبية في سلوكها، إذ أن (النموذج) الذي يكون (سلبيًّا) و(سيّئًا) في كل جوانبه لن يؤثر في عامة المتدينين، بينما (النموذج) المذبذب في سلوكه، الخالط الحقَّ بالباطل، والصواب بالخطأ، قد يتسبب في تسرّب الباطل بطريقة غير مباشرة لأذهان وأفكار وسلوك الجيل الناشئ المستهدَف بالإفساد.ولنأخذ اللاعب المصري (محمد صلاح) نموذجًا.
يمتلك هذا اللاعب جانبًا إيجابيًّا يمدحه الناس لأجله، فتراهم يتناقلون صور (سجوده) على أرض الملعب بعد تحقيقه هدفًا، ويُعجبون بتسميته ابنته بـاسم (مكة)، وبمساهمته في الكثير من أعمال الخير، حتى أنه صار يحمل عندهم لقب (فخر العرب)، وصارت تنتشر أخبار عن دخول مشجعين رياضيين في الإسلام لانبهارهم بهذا (الأسطورة الرياضية).
ولكن هذا اللاعب نفسه يمتلك جانبًا سلوكيًّا سلبيًّا خطيرًا، وله سقطات كثيرة، منها:
• تلك الصور التي يظهر فيها (محتَضِنًا) بعض الفنانات أو (محتَضَنًا) منهنّ.
• صوره التي ينشرها كل عام وهو يحتفل مع ابنتيه بالأعياد الدينية غير الإسلامية كـ (عيد الهالوين)، وقد نشر صورة لابنتيه قبل أيام هي التي تراها مرفقة بالمنشور.الخطر الماثل في هذا الأمر أن النظر إلى مثل هذا الشخص كـ (نموذج) أو قدوة) قد يؤدي إلى أن ينظر الجيل الناشئ لتصرفاته المخالفة للشريعة كأمور لا تتعارض مع كونه (قدوة) يفتخر بها، بل وقد يظن بعضها أنها أمور طبيعية مقبولة من شخص جعله الإعلام كأنه من دعاة هذا الدين بـ (أخلاقه).
إذا أردت أن تشجع لاعبًا مثل (محمد صلاح) هذا فشجّعه، وإذا أردت أن تعجب به فلك ذلك، وإذا أردت الثناء على إيجابياته فلن يمنعك أحد، ولكن احذر من أن ترفعه إلى مرتبة (القدوة) فتتداخل عندك أو عند من أنت مسؤول عن توجيههم وتربيتهم، ومن يتأثرون بك التصرفات الإيجابية بتلك السلبية وتتميع مسألة القدوة لدينا.
لا ينقصنا نماذج تصلح للاقتداء، فهي موجودة – بفضل الله تعالى –، وهؤلاء ممن لا يرتكبون الكبائر، ولا يجاهرون بالصغائر، ويقدمون لدينهم ومجتمعهم الكثير، وعلينا التركيز عليها لا على الذين خلطوا عملًا صالحًا قليلًا بـ عملٍ آخر سيّءٍ خطير.
احذروا (النماذج) المضروبة
ودمتم بخير