اجتماعيةتدوينات

أطفال التوحد في فلسطين… وجع يلازم عائلاتهم، وشعور بالخذلان

أطفال التوحد في فلسطين… وجع يلازم عائلاتهم، وشعور بالخذلان، نتيجة التهميش الرسمي، واستغلال المراكز الخاصة، ومواجهة قدرهم وحيدين

*هي ذاتها المعاناة لدى كل عائلة أهداها اللّه طفلا يرى الحياة بمنظوره الخاص ، ينفرد بنقاط قوته ويسير رحلة الحياة مع عائلته مواجهاً تحديات جمة ، أولها وآخرها هي أن يتقبلَهُ مجتمعَهُ .

عن طفل التوحد أتحدث، حيث تبدأ رحلة علاجه بتشخيصٍ عند طبيب الاعصاب ، ثم تتوالى جلسات العلاجِ الوظيفي والطبيعي والنطق المكثفة.

بيد أن القهر الذي لا يدركه سوى الوالدين يتلخص في ترقب وانتظار أي تحسن يلحظاه على طفلها بعد عشرات الجلسات، ولا يحصل. تكاليفُ العلاجِ في المراكزِ الخاصةِ – على قلتها – باهظة الثمن، تبدأ العائلة بالبحث عن أي جهة حكومية تستطيع المساعدة فتؤصد أمامها الأبواب.

تماطل الحكومة وبالتحديد وزارة الصحة في توفير أبسط الحقوق وهو التأمين الصحي، برغم المطالبات الكثيرة بذلك لكن، دون جدوى، كما لا يتم توفير أي جلسات علاجية مجانية. أما بخصوص وزارة التنمية فهناك مناشدات بشراء خدمات لجلسات علاجية من المراكز الخاصة لصالح أطفال التوحد ، ولكن لا يتم تفعيل ذلك إلا لعدد محدود من الأطفال دون تغطية كافة الإحتياجات.

أما المشكلة الأزلية التي لا يزال أهالي أطفال التوحد يطالبون بحلها هي “دمج أطفالهم في المدارس” رغم وجود بعض القرارات بذلك”، لكنها مقتصرة على توظيف بعض معلمي الظل -مرافقين-بعقود عمل مؤقتة، تقتصر على عدة أيام في الأسبوع.

حدثتني صديقة لي: “معلمة الظل تقوم برعاية طفلي، ولا تتدخل في أي من الأمور الأكاديمية والتعليمية”. وهذا يعكس عدم توفير معلمين مدربين وفق خطط شاملة. يحق لأطفال التوحد الحصول على تعليم مناسب كأي طفل في العالم ، دون أن تغلق أمامه الأبواب لا لشيء سوى أنهم يختلفون في فهمهم ورؤيتهم لطبيعة الأشياء من حولنا ولأنهم يحتاجون لملء فراغهم بعيداً عن الوحدة داخل أسوار البيت.

أما عن الوجه الآخر للمعاناة، المراكز الخاصة والمتخصصة في تقديم العلاج لهذه الفئة المهمشة في المجتمع على قلة عددها، فهي توفر العلاج(الوظيفي، النطق) بأسعار مرتفعة لا يتمكن غالبية الأهالي من دفع تكاليفها، ويحرم كثير من الأطفال من هذا العلاج لظروف ذويهم المادية، مما يفاقم المشكلة ويزيد ألم العائلة التي تبحث عن أي وسيلة لإكمال الطريق التي لا نهاية لها.

قد يسأل سائل بماذا تختلف حياة أسر أطفال التوحد عن غيرها؟

عائلات أطفال التوحد تفكر ملياً قبل كل زيارة اجتماعية، وقبل كل حفل زفاف لأحد أفراد العائلة بالذهاب أو الإمتناع، كما أن كثيراً منها محروم من اصطحاب أهله لمطعم أو مقهى بسبب خجله أو تخوفه من تصرفات ابنه أمام الناس الذين يفتقدون الى الوعي الكافي للتعامل مع أطفال التوحد وتفهمهم ختاما، لا كلمات ولا بلاغة باستطاعتها وصف وجع أم، تخلت عن كل أحلامها وطموحاتها لصالح انتظارها كلمة ( ماما ) من طفلها التوحدي، الذي تجاوز السبعة أعوام دون أن ينطقها.

كما أن أي فصاحة مهما عظمت، لن تستطيع وصف قهر أبٍ تقلصت أمنياته، الى عدم الشعور بالتقصير تجاه فلذة كبده. وهو شعور ينغص على الأسرة حياتها*

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى