ماذا بعد حجر الطلبة المصابين وتعطيل دراستهم؟

في إحدى مدارس الثانوية (التوجيهي) في بلدة من بلدات محافظة الخليل، بعدما ثبتت إصابة إحدى الطالبات بفيروس كورونا، قامت الطالبة بالتصرف وفق توصيات وزارة الصحة، وأبلغت الإدارة التي بدورها أبلغت طواقم الطب الوقائي بالموضوع، والتي أخدت الأمر على محمل الجد، وتوجهت إلى المدرسة وطلبت من الفتيات اللاتي يشعرن بأية أعراض إجراء الفحص. ………….
لكن بعض المعلمات توعدن الطالبات بما يلي: إن التي سوف تُصاب بكورونا وتتغيب عن المدرسة، عليها تحمل مسؤولية الغياب وحدها، ولن نقوم بإعادة الشرح لأحد، هذه ليست مسؤوليتنا، ولا مسؤولية الزميلات بالفصل، أسوةً بالوزارة التي قررت تحميلنا مسؤولية الغياب، وقررت احتسابه من إجازاتنا!
هذه اللهجة بالخطاب جعلت الكثير من الطالبات يتكتمن على الأعراض، ولم يبادرن بإجراء الفحص، مخافة التعطيل في الدراسة.
وحَتى لا يُساء تأويل هذا المقال، فأنا هنا لست بصدد نقد موقف هؤلاء المعلمات، رغم عدم تقبلي لهذه اللهجة في الخطاب بسبب ما سوف تتسبب به من أذى نفسي للطالبات المصابات، وما سوف تتسبب به من مفاقمة لتفشي الوباء في المجتمع. هذا اللهجة في الخطاب التي لا تختلف كثيراً عن لهجة وزير المالية، التي أرفضها هي الأخرى، فالكل يعمل على ترحيل مسؤولية المشكلة إلى الطرف الأضعف!
لكنني أكتب الآن لإننا أمام مشكلة ستكون مستمرة، ولن تنتهي إّلا بانتهاء الجائحة. فبشكل أسبوعي سيكون هناك طلبة متغيبين بسبب الحجر الصحي وبحاجة إلى إعادة شرح!
وبالإضافة إلى مشكلة التعطيل الدراسي لطلبة الثانوية لفترة تمتد من أسبوعين حتى ثلاثة، فإن غياب الحل الذي يضمن للطلبة حصولهم على التعليم أثناء هذه الفترة، يخلق لدنيا معضلة صحية، تتمثل في إعراض الكثير من الطلبة عن إجراء الفحص، خوفاً من التغييب الدراسي، وبالتالي تفشي أكبر للوباء.
لكن الوزارة بإمكانها، بل ويجب عليها طرح الحلول لهذه المعضلة، لإنها لا تقتصر على مستوى مدرسة واحدة فقط، أو محافظة واحدة فقط، إنما على مستوى الوطن!
وليس من المنطقي أن نطلب من المعلم الذي يتقاضى نصف راتب، أن يقوم بإعادة الشرح لهؤلاء الطلبة.
من ضمن الحلول التي أقترحها أن توفر الوزارة على الدوام لفئة التوجيهي على وجه الخصوص صفوف أون لاين تقوم بها فئة تدريسية مستقلة، من خارج المدرسة، ويشترك في هذه الفصول فقط الطلبة المحرومين من تعليمهم بسبب الحجر المفروض عليهم. أقصد أن يكون هناك تعليما عن بعد متزامن مع التعليم داخل الغرف الصفية، يتم على مستوى الوطن، ولكن الاشتراك فيه متاح فقط لمن هم في العزل المنزلي.
قد يقول قائل أن هذا يتطلب جهد وموارد بشرية ومادية من الوزارة، هنا أقول لماذا دوماً يُطلب من المعلم أن يكون الحلقة الاضعف التي عليها تقديم جهد مضاعف من أجل سير العملية التدريسية؟!
وحتى لا نبرر لأحد تقصيره في إتمام هذا الأمر، وجب علينا تذكير أنفسنا أننا لم نفاجئ بأمر هذه الجائحة في بداية العام الدراسي الجديد، فنحن منذ ستة أشهر يفترض بنا أن نكون قد أعددنا العدة على صعيد وزارة التربية والتعليم لمواجهة تحديات هذه الأزمة، خصوصاً لطلبة في عام دراسي مهم كالتوجيهي!
أتمنى ممن بيدهم القرار إعادة النظر في موضوع حجر طلبة الثانوية، فنحن لا نريد أن نهدم مستقبل أحد في طريقنا ونحن نحمي صحة الآخر، في الوقت الذي مكنتنا فيه التكنولوجيا أن نمضي بالطريقين معاً،
كونوا بخير : عُـدينة السويطي.