لاحظت مؤخرا , وفي كثير من النقاشات التي تدور حول مشاكل المجتمع أن اصابع الاتهام دوما تتجه نحو المرأة مباشرة ودون تردد !!
والشماعة التي يعلق عليها دمار الأسر هو عملها بالمقام الأول , واستخدامها لوسائل التكنولوجيا الحديثة ثانيا وهكذا , تدرجاً ,
تظل المرأة هي المتهم الأول للفساد والخراب والدمار .. وليس في حديثي هذا مبالغة , وليس في حديثهم إنصاف !! والمتأمل في كيفية تطور هذه الفكرة في العقل الجمعي للناس يجد أنها ارتبطت بعدة أمور , منها ما هو تاريخي , ومنها ما هو تفسير ضيق لخطاب ديني , فألبس الأمر عباءة دينية بحتة , ومنها ما هو مرتبط بحوادث فردية هنا وهناك . ولست هنا بمعرض النقاش العميق للأسباب ,
ولكن ما أود أن أنوه له أن المرأة ومنذ زمن بعيد كانت تعمل , وتكسب مالا, وتمارس مهنا عدة , وتخرج من البيت , وتربي وتقوم بواجباتها بلا امتعاض مجتمعي .
فكانت تعمل في الحقل وتزرع , يدا بيد مع زوجها .. كانت تعمل بالخياطة , وكانت تعمل بالتمريض والطبابة هذا من ناحية طبيعة العمل وكونها تخرج من البيت.
أما من ناحية حيازة المال وتمردها فليس في ذلك حجة , فلطالما كانت النساء صاحبات أموال منذ القدم وصاحبات مشاريع , وعقارات .. فليس من حجة في ان من حازت مالا تمردت !!
وأكاد أجزم أن المرأة لا تتمرد إلا إذا واجهت شريكا بخيلا او متكاسلا او قريبا غيورا حسودا , او متطفلا يهمس في أذن الزوج ما يثير حفيظتها , وربما اسباب أخرى ..
اذا أين تكمن المشكلة ؟؟ المشكلة تكمن في أمرين من وجهة نظري :
الأول :
جانب نفسي عام يريد أن يغمض عينيه عن جوهر المشكلة , يريد ان يرى السلب ولا يريد أن يبصر الايجاب في الامر , متمسك بما ورثه من خرافات ومشاعر متأزمة ناحية خروج المرأة من البيت , يريد أن تظل المرأة تخوض في غمار الجهل والتفاهات الهمهمات اللاواعية مع الجارات والقريبات , وللاسف ان هذا الجانب يشمل النساء ايضا !!
والثاني :
ان الأغلبية الذكورية لا تريد ان تشعر بأنها مطالبة بتقاسم حمل الأسرة والبيت مع المرأة , تريد أن تؤدي الجانب المالي وفقط , وما دون ذلك يترك للمرأة , وأي تقصير تتحمل المرأة مسؤوليته هي فقط !!
أما ما لا يريد المجتمع أن يراه ويقر به فهو : أن المرأة العاملة لديها أبناء أقوى من ناحية تحمل المسؤولية والقدرة على إدارة الأزمات , والتفكير بالحلول , والتواصل الاجتماعي السليم , والثقة بالنفس .
المرأة العاملة لها قدرة فائقة على الاستفادة من وقتها وتنظيمة فلا يضيع شيئا من يومها مهدورا ..
المرأة العاملة , تبني بيتا مع زوجها يداً بيد بحالة من الإكتفاء المادي المناسب .
وطبعا كل هذا لا يتم إن لم يكن البيت مبنيا على فكرة التعاون المشترك بينها وبين شريكها .
الحديث هنا يطول ولكنني بنهاية حديثي , أؤكد أنني لا أعمم ولكني أتحدث عن أغلبية , وهذا لا يعني أنني أعيب على المرأة التي لا تعمل ولكني أحاول أن أنصف المرأة العاملة وأظهر الجانب الإيجابي الواسع والذي يتجاهله المجتمع , وينكره !