إن أحد الأسباب لعدم اعتراف الاحتلال بالعملية ، هو حقيقة أن بن غوريون لم يكن راضياً عن نوع العملية ، على الرغم من أنه أثنى على المخططين والمنفذين لها ( رئيس الأركان العامة ، موشيه ديان ) ، أقام لهم حفلة تكريم في بيته في تسهالا.
كانت تلك الفترة صعبة بالنسبة للكيان الصهيوني ، وكانت تلك الفترة الصعبة تعتبر مفتاحاً لأن تكون أو لا تكون . لقد ساهمت ظاهرة التسلل إلى الكيان الصهيوني في زيادة خطورة الوضع لدرجة الوقوف على حافة الهاوية وعلاوة على ذلك ، في ربيع عام ١٩٥٥ ، طرأ تحول تنظيمي إيديولوجيا وعملي في ظاهرة التسلل . فقد اعترفت مصر بهذه الظاهرة كوسيلة قتالية ناجحة ، وأخذتها تحت رعايتها الرسمية عن طريق إقامة كتيبة الفدائيين بين شهري آب ١٩٥٥ وتموز ١٩٥٦ ، قام الفدائيون بسلسلة عمليات كثيفةداخل الكيان وجاء قسم كبير من هذه العمليات انطلاقاً من الأردن . وقد زرعت هذه العمليات الذعر في الكيان فعلاً ، فاستهدفت العمليات مغتصبين ، مهاجرين جدد ، ورجال المغتصبات .كان الفدائيون يخرجون للعمل على شكل موجات ، وكانت العمليات تستمر أحياناً مدة أسبوع . ونشأ وضع كانت تتواجد فيه عشرات الخلايا من الفدائيين الذين توغلوا عميقاً جداً داخل الكيان ، كان بعضها يصل إلى مغتصبة ريشونليتسيون ومطار تل نوف ، وعثر على أحزمة مخصصة لتفجير طائرات على بعد ١٨ كم من الشيخ مونس . بلغت عمليات الفدائيين ذروتها في الفترة من ١_٧ نيسان ١٩٥٦، ففي أعقاب أسبوع كامل من تبادل إطلاق النار على حدود قطاع غزة رداً على عمليات الفدائيين أرسلت إلى داخل الكيان الصهيوني عشرات الخلايا تضم حوالي ٢٠٠ رجل ، وتوغلت هذه الخلايا حتى وصلت إلى اللد ، وقتل الفدائيون في قرية “حباد” عدداً من المغتصبين الصهاينة ، ونفذوا أعمال قتل مماثلة في المغتصبات : شفدير ، ستريا ، وغيرهما . كما هاجموا السيارات الصهيونية المتجهة إلى بئر السبع ، وقتلوا جنوداً صهاينة وأرعبوا الكيان الصهيوني.
بدأ تسلل العرب (الأردنيين والمصريين والسوريين واللبنانيين) إلى الكيان الصهيوني بعد الصراع العربي الصهيوني عام ١٩٤٨ . ابتداءً من عام 1952 ، بدأ العرب في استخدام التسلل كأسلحة تستخدم لقتل المغتصبين . وفي عام 1954 ، أنشأ العرب وحدات عسكرية منظمة مجهزة بأسلحة هجومية لأغراض القتال. كانت هذه وحدات من المتسللين الإندونيسيين ، والحرس الوطني ، وكوماندوز مسلم ، وأكثر من ذلك. فبلغ عدد العمليات الفدائية إلى 11،650 عملية ، مما أسفرت عن مقتل 522 مغتصب و 942 إصابة.
بدأت العمليات الهجومية للجيش الاحتلال في عام 1950 بهدف وقف تسلل العرب والعمليات الفدائية التي نفذتها الخلايا الفدائية . في 1951-1952، بدأ الجيش الاحتلال بتسلل عبر الحدود لتنفيذ هجمات انتقامية . فكان يعاني الجيش الصهيوني مشكلة المتسللين في المقام الأول على وحدة المظليين. منذ نهاية عام 1952 ومنذ ذلك الحين وحتى نهاية عام 1956 ، حمل المظليون العبء الرئيسي لتنفيذ عمليات إرهابية بين عامي 1950 و 1956 ، نفذ جيش الدفاع الصهيوني 122 عملية إرهابية.
في عام 1953 كانت هناك المئات من العمليات التي أسفرت عن مقتل 44 مغتصباً و 27 جندياً. بالمقابل قام الاحتلال بتنفيذ 38 عمليات ارهابية .
وعادة ما تتم العمليات الهجومية التي ارتكبها الاحتلال في الليل وتنتهي في اليوم التالي.
وتم ذكر العمليات الإرهابية التي ارتكبها الاحتلال، وهي:
عملية عوفرا تاريخ ٢٥/١/١٩٥٣ ( عملية ايدنا ١ قريةIdna بالقرب منAmatzia(
ونفذت كتيبة 890 تحت قيادة يهودا هراري في قرية إدنا هجمات شرسة رداً على عملية الفدائيين التي أسفرت عن مقتل جندياً لدى جيش الدفاع الصهيوني، وجنديًا مفقودًا ، عملية الأوساخ والرماد تاريخ ٢٨/١/١٩٥٣ ، عملية رانتيس بالقرب من مغتصبة أوفاريم .
أما العمليات الفدائية التي نفذتها في عام ١٩٥٣ ، وهي : عملية بيت جبرين قتل جنديان فيها بالقرب من مغتصبة موشاف بتاريخ ٢٦/٢/١٩٥٣ ، وعملية كفار هيس بتاريخ ٢٨/٢/١٩٥٣ ،وعملية بيت نحميا ( الآن موشاف بيت نحميا) ، عملية شبيون .
في عام 1954 وقعت مئات العمليات الفدائية التي أسفرت عن قتل فيها 33 مغتصباً و 24 جندياً. تم تنفيذ 15 عملية ارهابية نفذها جيش الاحتلال.
وفي عام 1955 كان هناك المئات من العمليات الفدائية التي أسفرت عن قتل 24 مغتصباً و 50 جندياً. تم تنفيذ ثمانية أعمال ارهابية من الاحتلال.
أما في عام 1955 كان هناك المئات من العمليات الفدائية التي أسفرت عن قتل 54 مغتصباً و 63 جندياً. وتم تنفيذ 10 عمليات ارهابية.
وهذا يؤكد على سبب تخطيط وحدة ١٠١ لاغتيال مصطفى حافظ ، ووقف العمليات الفدائية التي زرعت الرعب داخل الكيان الصهيوني .
لقد رافقت هذه الموجة حملة إعلامية واسعة النطاق في وسائل الإعلام المصرية ، لدرجة أن عبد الناصر نفسه جاء إلى غزة وصافح مصطفى حافظ ، كما أعلن المارشال عبد الحكيم عامر قائد الجيش المصري الرجب الذّي كان مسؤولاً شخصياً عن إقامة كتيبة الفدائيين ، بأن حوالي ٥٠ ألف فدائي يتدربون للحرب القادمة آنذاك ضدّ الكيان ، وتعهد بإغراق الكيان في جداول من الدماء .
إن رجال المخابرات الصهيونية الذين كانوا وراء هذه العملية الشاذة ، التي لم تتكرر أبداً ، يؤمنون حتى هذا اليوم بأن تلك كانت الوسيلة الوحيدة لوقف نشاط الفدائيين في الكيان الصهيوني وإزاحة الكابوس عن كاهل المغتصبين الصهاينة .
وفعلاً شلت حركة الفدائيين ، وتركت العملية أثراً بالغاً لدى العرب الذين أدهشهم ” العقل الصهيوني” .
كما أدت العملية إلى وقف عمليات التسلل من قطاع غزة ، ولم تتكرر ظاهرة التسلل إلى الكيان الصهيوني إلا بعد مضي عشر سنوات ، لدى استئناف عمليات التسلل والدخول إلى الكيان الصهيوني عن طريق رجال حركة فتح في منتصف الستينات.