قصتي: لما سقطت بالتوجيهي!

بقلم: ندى ناصر
ما بعرف وين المشكلة، وكتير سألت حالي هالسؤال.. أنا البنت الأولى بعيلتي، يعني آمال العيلة كلها وكأنه مستقبلها كان واقف علي، بلشت أجهز للتوجيهي قبل ما أوصله بسنتين، كل سنة أروح أحضر لقاءات تثقيفية وين ما كان لهالمرحلة، صاحبت بنات بالمدرسة أكبر مني بسنة وسنتين وكنت أروح من طريقهم وطول الطريق أسألهم عن المادة واستعرت كتبهم ودفاترهم بس خلصوا دراسة، جبت مساعدات الخمس سنين السابقة لمرتين، يعني كان عندي أسئلة سابقة للعشر سنين، وتابعت الأسئلة السابقة اللي بتنزلها جريدة الأيام للمواد، بلشت دراسة قبل ما يبلش الفصل وكنت متقدمة على كتير بنات، كنت التانية ع الصف، ومعدلي كان 95.5.
متل ما بيقولوا واثق الخطوة يمشي ملكاً، وكنت فعلاً هيك، ولا غبت عن أي حصة، حتى لما أمرض كنت آخذ إذن بالفرصة “وقت الاستراحة” لحتى أروح ع الدكتور وأرجع قبل ما تبدأ الحصة الرابعة، كنت ع السبعة ونص كون بالمدرسة، وروح بعد ما أتأكد إنه كل المواد متممة كل شي بخصها..
لكن عنجد الحياة ما بقيت متل ما هي..
بسنة التوجيهي قرر عمي يسافر يحج هو ومرته، بيت عمي كان تحت بيتنا، ومع هيك قرر يعمل وداعه هو ومرته عنا، وكان علي امتحان فصلي وأنا بالغرفة ممنوع أطلع والناس رايحين جايين، راحوا الرجال واجوا النسوان وصاروا يضحكوا، وأنا بدي أنجن ما حد حاسس فيي، بعدين سافر عمي ومرته وتركوا عنا أولادهم الـ 13، بهديك الأيام كان بغرفتي الصغيرة 6 بنات غيري أنا وأختي، كنت مخنوقة ومش لاقية محل أدرس فيه ولا قادرة أدرس من صوت صياح الأولاد ولعبهم، تلت أسابيع وهم عنا ولأنهم ضيوف كان لازم آجي ع حالي وأسكت، ولا مرة فكروا أهلي يعتذروا إنه عنا توجيهي.
بشهر التوجيهي توفت مرة سيده لوالدي، تخيلوا مرة سيده، ساكنة بمنطقة واحنا بمنطقة بعيدة، وحلف الوالد يمين بعظيم إلا عزاها التلت أيام يكون ببيتنا وهاد اللي صار، ورغم إنه أخوي الصغير كان مصاب بمرض أبو دغيم إلا إنه تم العزا، وقعدنا أنا وإياه بغرفة وحدة والصدق وجوده خفف عني، لأني وقت كنت أقعد شوي ع الشباك أتنفس كانوا أولاد عمي يروحوا يحكوا لإمي وتبعتلي مراسيل فوتي ادرسي..بهديك الأيام كان يتسكر علي باب غرفتي من الـ 8 ونص الصبح لـ 10 بالليل، ولا مرة بهالتلت أيام حد فكر يدق علي الباب يقلي بدك تاكلي أو تروحي ع الحمام -بعيدن عنكم-، وكنت كل يوم أبكي وأترجاهم يطلعوني لكن عبث، كانوا الرجال رايحين جايين ع الدار وأنا بالغرفة بدرس.. صدقًا انخنقت.
بفترة التوجيهي، خرج جارنا من السجن، وبناءً على نظرية الوالد إنه البيت مفتوح للأفراح والأتراح للقريب والبعيد عملوا مباركته بالبيت عنا، أول شي رجال بعدين النسوان، لما خلصت حفلة النسوان ضلوا قاعدين وأنا بالغرفة من الصبح، وقتها خرجت أصيح والدموع بعيني وقلتلهم بس كلمة وحدة: “بكفي”، كل النسوان اطلعوا فيي وسكتوا وفتت ع الغرفة وسكرت الباب.
بتذكر لما كانوا الوالد يفيق بالليل إذا فاق ع التلاتة وما لقاني صاحية بدرس كان يبهدلني، وكان ممنوع أتحمم بالنهار الحمام بالليل استغلالاً للوقت، ممنوع التلفاز، القعدة الرايقة بعد الأكل ممنوع، الطلعات العائلية ممنوع، بس أخدوني مرتين كزدرة ع منطقة مقطوعة ما فيها حدا بنص الليل عشان ما يتشتت تركيزي لما أشوف الناس، كنت أسمع إخوتي قاعدين بلعبوا وبضحكوا وأنا محبوسة بدرس بالغرفة.. شو كرهت حالي وقتها.. وأهلي قالوا لي إذا بتجيبي أقل من 90 ما في جامعة.
يوم النتائج فتحوا أهلي الراديو من صباح الله، رحت ع المدرسة من ال8 الصبح كانت الشوارع فاضية والمدرسة مسكرة، وبقيت استنى تا تجمعوا البنات واجت المديرة، طبعت أول صفحة وعلقتها طلعوا الأسماء بدون المعدلات، طبعت التانية وعلقتها، فتشت ع اسمي عند معدلات التسعينات ما لقيتوا .. بعدين فتشت عن اسمي، طلع 89.9.
الحقيقة ما عرفت شو أعمل ولا وين أروح، متل ما بقولوا همت ع وجي، وبلشت أمشي بالشوارع، حسيت لو روحت ع الدار ابصر شو ممكن يصيرلي.. وضليت أمشي تا صارت الساعة 2 ونص، بعدين روحت، لما دخلت الدار لقيت إمي بتلطم وراحت قالتلي روحي الله يغضب عليك لا إنت بنتي ولا أنا بعرفك، ولما إجا الوالد قلي هاد العشر راح بالنص ساعة اللي قعدتيها ع سبيس تون، تخيلوا؟
لولا مرة عمي أجت وحضنتني وقالتلي إنتي متفوقة ومتميزة ورائعة لا تحكوا لها هيك، هي وستي الوحيدين اللي ما كسروا فيي..
عمي صار يقلي لو إنك سقطتي أحسنلك -اللي عنده 13 ولد- لهلأ ولا واحد منهم نجح بالتوجيهي.
وأهلي ما رضيوا يحاكوني وقرروا ما يعملوا لي حفلة وما يدخلوني جامعة..
ولما الكل كان يتصل يبارك كانت إمي تصيح وتبهدل علي..
ورحت ع حفلات صاحباتي اللي جايبين بالستينات والسبعينات وهم رايحين ع الصالونات ولابسين بدلات..
وأجوا عنا عماتي ع استحياء، يتذكر مرة ابن الجيران كان جايب 52.1، ومبسوط كتير وجايب دي.جي.. وصوت الأغاني واصل لنص بيتنا، وحدة من عماتي سحبتني من إيدي وقالتلي ارقصي انبسطي ابن الـ 52 مبسوط وإنتي لأ..
الحقيقة بعدين أهلي دخلوني الجامعة، وحصلت ع منحة تفوق لتفوقي بالجامعة، أهلي تغيروا كتير بعديها مع إخوتي وتركوهم براحتهم، من بعدي ما حد من العيلة جاب أعلى من معدلي، أبدًا، أهلي تساهلوا كتير مع إخوتي وتركوهم براحتهم ع الآخر وكلهم حملوا مواد وعادوها تا قدروا يحصلوا معدل، ما عدا أختي جابت معدل ممتاز بس مش أعلى مني.
تخرجت من الجامعة، اشتغلت وكملت دراسة، بس ما قدرت أنسى، وكل سنة توجيهي بتذكر وبنقهر..
وبتمنى من كل قلبي لو إني سقطت واستحقيت اللي صار عن جدارة.. ولا أحس إنه حياتي وقفت ع هالعشر..
وبس..
هاي قصتي مع التوجيهي.. انتو شو قصتكم؟